لم تخل الطبعة الأولى من هذا الديوان من نقص في النصوص المجموعة ومن أخطاء في القراءة وفي الطباعة علاوة على افتقارها إلى فهارس مبوبة، فتداركت هذه الطبعة الثانية كلّ هذه النقائص وأنصفت الشاعر محمد بوشربيّة (-1952 1903) الذي ظلمته الحياة. فكل من عرفوه تحدّثوا عن عاطفته الجياشة ونفسه الكبيرة وأسهبوا في وصف تبرّمه بالحياة وسخطه على ظروفه الاجتماعية القاسية. أما الذين درسوا ديوانه فإنّهم وجدوا فيه نقمة عارمة على من «قيّدوا» مسقط رأسه القيروان وأوقعوها في شرّ منحوس » ، بل نقمة على أهله وبيته وحتى على نفسه. كما «عكس الديوان في قصائد ومقطوعات جيّدة وطنية صاحبه وسجّل فترات من نضال الشعب التونسي زمن الاستعمار البغيض، فأتى سجلاً مليئا بالأحداث المختلفة والأحاسيس العميقة». ومن أسباب نبوغ بوشربيّة في الأدب والخطابة اشتداد حركة المطالبة بإصلاح البرامج التعليمية في جامع الزيتونة، فكان هو من زعماء هذه الحركة ومن خطبائها المتحمسين لها. وفي ديوانه أشعار كثيرة تدلّ على عدم رضاه عن تحجر تلك البرامج وبعدها عن مجاراة التطوّر. ولقد نال بذلك، كما يقول الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور » مكانة عظيمة بين الطلبة قرينا لهم، ثم أستاذا محبّبا، على تعاظمه وصلابة عوده ومرارة كلمة الحق الصّريح التي لا تفارق منطقه».

يرجع اهتمامنا بشعر الشيخ محقد بوشرية إلى دوافع أربعة 1 - أتة شاعر تونسي، ترب لأبي القاسم الشاتي شاعر تونس الكبير -فهو يكبزه بست سنين- بل هو من أقرانه"، بل من أنصاره ومريديه إذا قابلنا المقذمة الهامة التي أعدها محتد بوشربية لطبع ديوانه" بمحاضرة الشاتي عن الخيال الشعري : فهما يدعوان مغا إلى الإصلاح والتطور والتجديد ويحرضان على النضال واليقظة والمثابرة، ولهذه النزعة النضالية الوطنيةفي شعر بوشربية نصح محمد المرزوقي بطبع الديوان المعروض عليه فقال: «...ديوان ذسم فيه قصائد هامة ومقطوعات جيدة يجذر بالمثقفين مطالعته